يجمع خبراء المالية والاقتصاد على أن فرض ضريبة الثروة خلال 2020 وفقا لما ينص عليه مشروع قانون المالية للسنة المقبلة سيصطدم بعدة عراقيل، أبرزها غياب قاعدة بيانات وطنية بأسماء الأثرياء وممتلكاتهم، وكذا احتواء معظم هذه الثروات في السوق الموازية، إضافة إلى الوقوع فيما يصطلح على تسميته بظاهرة الازدواج الضريبي، وذلك بين ضريبة الثروة المستحدثة جديدا وضريبة الملكية المعتمدة منذ سنة 1992.
ويرى الخبير الاقتصادي كمال رزيق أن فرض ضريبة الثروة يشترط أولا إلغاء الضريبة على الممتلكات المعتمدة منذ سنة 1992، أو على الأقل تغيير تسميتها والا فستقع إدارة الضرائب فيما يصلح على تسميته بالازدواج الضريبي، حيث سيدفع الأثرياء ضريبتين من نفس النوع.
كما يؤكد أن فرض ضريبة على الثروة يستدعي أولا التحكم في الرقمنة واستحداث قاعدة بيانات وطنية بأسماء الأثرياء وممتلكاتهم وتتضمن العقار والسيارات والحسابات البنكية والدراجات النارية والسفن والطائرات والذهب والمجوهرات، مشيرا إلى أن بعض الأملاك كالعقار والسيارات والمركبات من السهل تسجيلها عبر البطاقة الرمادية وعقد الملكية، إلا أن بقية الممتلكات كالمجوهرات وغيرها سيصعب تحديد الكميات المتواجدة بحوزة أصحابها مما يفرض تبني إجراءات جديدة مستقبلا.
لا يمكن تحصيل ضريبة الثروة قبل 2022
من جهته، يعتبر البروفوسور والخبير الاقتصادي عبد القادر بريش أن فرض الضريبة على الثروة ضروري لتحقيق العدالة الضريبية وبلوغ أحد أهم مبادئ الدستور وهي تساوي الجميع امام الضريبية، مصرحا ل"إيكو ألجيريا": "فرض ضريبة الثروة في الجزائر في اطار قانون المالية 2020 قرار إيجابي، بالرغم من أنه قد تعترض العملية صعوبات في البداية وقد لا تتحقق النتائج المرجوة في السنتين الاوليتين من حيث الحصيلة ولكن مع الوقت والخبرة والتعلم لدى الادارة الضريبية، ومع ضرورة وجود نظام معلوماتي لاحصاء اصحاب الثروة ستتحسن حصيلتها تدريجيا ابتداء من السنة الثالثة أي في افاق 2022".
ويضيف المتحدث بأن جرد الثروات يتضمن مبدئيا العقار وكافة المظاهر الخارجية مثل السيارة والمركبات
مع استثناء الحسابات البنكية والذهب الذي يصعب اثباته والوصول إليه، مشيرا إلى أن إدارة الضرائب لا يجب أن تكتفي بالتصريح بالممتلكات للاثرياء بحكم أن تصريحاتهم لا تمثل إلا جزءا صغيرا مما يمتلكونه، لان الثروة النائمة بعيدا عن أعين الضرائب تتواجد عند اولائك ممارسي التجارة الخارجية وخاصة في مجال الاستيراد وتجار الهاتف النقال واولائك الذين يحرمون دفع الضريبة أي "التيار المدخلي".
وفي سياق متصل يؤكد خبير الإقتصاد والمالية كمال سي محمد في تصريح ل"إيكو ألجيريا" ان عجز الخزينة الكبير هذه السنة يفرض الاستنجاد بموارد كلاسيكية، حيث تعد الضريبة على الثروة أكثر من ضرورة في ظل عدم المساواة السائدة في دفع الضريبة، وغياب العدالة الاجتماعية، إلا أن الإشكال يبقى مطروحا حسب المتحدث حول كيفية تحصيلها لان الاستحقاق عن طريق تصريحات سيصطدم باختلال في التحصيل يزيد من حجمه غياب الرقمنة.
وبخصوص قيمة الضريبة، يجزم المتحدث أن 5مليار او اقل من ذلك بقليل معيار كافي لانتزاع ضريبة بمعدلات صغيرة ولكن يبقى هذا صالح لزمن معين، فمع ارتفاع التضخم وتدهور العملة يصبح هذا المعيار محتاج للمراجعة، كما ان الضريبة التصاعدية قد تحتاج مراجعة بإدخال ضريبة انتقائية وتشجيعية لأصحاب الثراء في المستقبل، مشيرا إلى ان الثري الذي يساهم في الانتاج وخلق فرص عمل وليس الذي يكتنز أمواله ويراكمها.
Add new comment